اليد التي ربَّت هي ذاتها مَن بَنَتْ
لم تكن الحضارات وليدة اللحظة ولم توجد بحد السيف وحده، بل أوجدتها الرؤى والأحلام لغدٍ أجمل، وللمرأة في تقدم الحضارات تاريخ طويل، فهي القوة الصامتة التي تحرِّك العجلة وتعيد تشكيل الزمن.
حينما تتصفح كتب التاريخ، تجد أن كل عَصْر رافقه عنصر نسائي دعم وألهم وصنع؛ فمن خديجة -رضي الله عنها- السند الذي دعم خاتم الأنبياء والمرسلين في رسالته إلى العالم أجمع، نموذجًا للمرأة القوية والداعمة للتغيير، إلى فاطمة الفهرية مؤسسة أولى جامعات العالم (القرويين) منارةً للعلم والممتد نورها لقرون. ومن غالية البقمية القائدة الحازمة والصبورة، التي استبسلت في المعارك ضد الجيش العثماني والتي أثبتت أن الأوطان كما البيوت تحميها النساء.
وكما تألقت المرأة في الماضي، فالحاضر يزخر بإنجازاتها وبصمتها في مختلف المجالات؛ الأميرة نوره بنت عبد الرحمن الفيصل آل سعود كمستشارة وحافظة أسرار المؤسس -رحمهما الله-،ود. خولة الكريع العالمة البارزة والرائدة في مجال أبحاث السرطان، والأميرة ريما بنت بندر السياسية الفذة والمحنكة، وغيرهنّ من النساء اللاتي وضعن بصمتهن وغيرن من وجه التاريخ.
لا تقوم حضارة دون وعي، ولا يترسخ الوعي إلا بالمرأة، فهي المربي، والمعلم، والمبدع، والحالم. وحين تأخذ زمام أمر ما، لا تنهض به وحدها، بل ينهض العالم كله معها.
